متفرقات

إضراب اللاعبين والأندية في الجزائر يدخل تاريخ لعبة كرة القدم

 في تلميح غريب وفريد من نوعه ليس في الجزائر، وإنما في كل بلاد العالم، يظهر وأن لعبة كرة القدم قد تتوقف في بلادنا، بعد الاجتماع الذي ضم كل أندية الدرجتين الأولى والثانية المحترفة التي أبرقت لوزارة الشباب والرياضة بإمكانية توقفها عن ممارسة اللعبة والدخول في إضراب إذا لم يتم الاجتماع بوزير الشباب الرياضة الجديد وطرح قضية نقص السيولة المالية، وأحيانا انعدامها، لأجل إكمال موسمها ومباشرة التفكير في موسمها القادم.

وبقدر ما يعشق الجزائريون لعبة كرة القدم، بقدر ما صاروا يمقتون بعض التصرفات ومنها إضراب اللاعبين عن التدرب، وأحيانا المشاركة بالرديف وبلاعبي صنف الأواسط، وتلميح رؤساء الأندية بالدخول في إضراب يشل اللعبة، أكدّ بأن من وراء إضراب اللاعبين بين الحين والآخر هم رؤساء الأندية الذين امتلك بعضهم الفرق كمساهمين، وقاد آخرون الفرق بالقوة ليس من أجل ألوان النادي وعشقه وصرف المال عليه والاستثمار فيه، وإنما من أجل الحصول على المال العام الذي تقدمه الدولة، وكان الأجدر الانسحاب من عالم الكرة، بدلا من الضغط على الدولة لأجل أن تبقى تصب في خزينة الأندية إعانات تذهب إلى جيوب اللاعبين والمدربين والمشرفين على الفرق.

هذا التحول الذي قد نشهد عبره حدثا فريدا من نوعه في العالم، يبيّن بأن لعبة كرة القدم في الجزائر خرجت عن إطارها الرياضي كلعبة فنية يمارسها الناس كهواية لمتعة النفس والغير، صارت أشبه بالعمل اليومي الذي يقوم به الأفراد والشركات على طريقة المؤسسات الجزائرية المفلسة التي لا تقدم أي شيء وهي دائما دون الإنتاج المادي الذي يكفي حاجيات الموظفين، ويصبح التسول دائما أمام باب الدولة هو أسلوبها الذي تعتبره عملا، كما هو حاصل في مركب الحجار للحديد في ولاية عنابة، حيث تعددت الشركات المسيرة له وبقي الإفلاس وعدم الإنتاج هو سمته، لأن العمال والمسيرين يتم انتدابهم بطرق غير شرعية وغير احترافية، فيبقى المصنع في الخسارة إلى أن يتم غلقه، وفي كل مرة تصبّ الدولة آلاف الملايير من دينارات وعملة صعبة في محاولة لإنعاشه من دون جدوى.

لحسن حظ المنتخب الجزائري لكرة القدم بطل القارة السمراء أنه يتغذى من خريجي المدارس الأوروبية ومن اللاعبين المحترفين الذي هم تحت إمرة أندية تسيّر بطرق احترافية، وإلا كان المدرب جمال بلماضي في كل موعد دولي أو تربص لـ”الخضر “يأتيه لاعبون محبطون معنويا وماديا لمواجهة منتخبات إفريقية لا يٌطرح لديها الإضراب، سواء كانت تنتمي لدول كبيرة أو مجهرية، والجزائريون الذين يتابعون بشكل يومي عبر مختلف القنوات كل المنافسات الكروية في مختلف القارات لم يشهدوا حوادث إضراب عن اللعب، فهم يشاهدون كيف تنفق الأندية وكيف تستثمر في النجوم وكيف تخلق هي بنفسها المال ولا تمدّ يدها أبدا للسلطات العمومية، وحتى في الدول المغاربية والعربية لا يوجد مثل هذا الأسلوب، كما هو حاصل في الترجي التونسي الذي يسيّر من طرف رجال محترفين لا يقودون أي ناد إلا وقد قدّموا خارطة عمل واستطاعوا من ضخ الأموال بطرقهم ولا تُطرح مثل هذه المشاكل في عز الموسم، والدليل على ذلك أن النادي أخذ أحسن اللاعبين في الدوري الجزائري وترك أنديتهم الجزائرية تتخبط في هذه الأزمة المالية، وهو نفس الشيء بالنسبة للأندية المغربية والمصرية الكبيرة التي تعتبر شركات كبرى، ما تجنيه من أموال لا تتدخل الدولة فيه، ولا يد لها في التسيير المالي العام لهذه الفرق التي مازالت متأهلة في منافستي رابطة الأبطال والكنفدرالية الإفريقية وفي كأس العرب للأندية، بينما خرجت الفرق الجزائرية من كل المنافسات، وصار حال أنديتها يشبه الاحتجاجات التي يقوم بها المواطنون في قلب الشارع بحرق العجلات المطاطية ووضع المتاريس والحجارة في الطرقات لطلب السكن والغاز والمياه والعمل.

 

الظاهرة بدأت بأنصار صاروا يخرجون للشارع في مسيرات للمطالبة بتكفل الشركات العمومية بأنديتها، يعني تسليم مال العمال للاعبي الكرة، وانتقلت إلى إضراب اللاعبين عن التدريبات، وانكشف الأمر الآن عبر مسيّرين برتبة مساهمين صاروا يريدون ملاقاة وزير الرياضة ليمدوا أيديهم تسوّلا في المال العام لأجل صرفه على مستوى رديء جدا تتواجد فيه اللعبة، ولأجل مرتبات خيالية تقارب بعضها النصف مليار في السنة للاعب لا يقدم لا متعة ولا تشريف للكرة الجزائرية التي حيّرت العالم بطرق تسييرها التي تسمى زورا وبهتانا.. احتراف.