تحكيم

احتراف الحكام وتقنية الفار : الكذبة الكبرى

تعتبر الاستمرارية في كل مسؤولية سر نجاح أي عمل في كل القطاعات غير أن ذلك لا ينطبق على قطاع التحكيم في تونس رغم إشراف عمار عواز الطرابلسي على الإدارة الوطنية للتحكيم لثمان سنوات متتالية, حيث لم نشهد أي تطوّر لقطاع التحكيم رغم ما يقع التسويق له من نجاحات بتقديم أرقام تبدو ظاهريا إيجابية كارتفاع عدد تعيينات الحكام التونسيين في المباريات الأفريقية في السنوات الأخيرة (دون التطرق إلى غياب الحكام عن المواعيد الكبرى وفي مقدمتها المونديال).

ولكن في حقيقة الأمر, هل يمكن القول أن المدير هو السبب الرئيسي في ركود بل تدني مستوى التحكيم؟ صراحة لا نعتقد ذلك لأن القائمين نظريا على قطاع التحكيم بمختلف المسئوليات الموكولة لهم ما هم سوى "صبابة ماء على اليدين" لأن البرمجة والقرارات الرسمية تتخذها أطراف أخرى والمتتبعون للشأن التحكيمي في تونس يدركون جيّدا من هي هذه الأطراف. فإدارة التحكيم موجودة في الواجهة تتحمّل كل الانتقادات والحال أنه لا حول لها ولا قوّة. فهي مثلا طلبت من الحكام الراغبين في دخول تجربة "احتراف الحكام" بسيرهم الذاتية ولكن الأمر بقي حبرا على ورق ولم تتم أي متابعة للموضوع. لا احتراف ولا هم يحزنون, لأن المسألة لا تعدو أن تكون سوى تسويقا وتلميعا لصورة الجامعة.

 من جهة أخرى, قام الدكتور وديع الجريئ رئيس الجامعة التونسية لكرة القدم في وقت ما بتكليف ياسين حروش رئيس لجنة التكوين والرسكلة بمحادثة الفيفا لجلب تقنية فيديو المساعد للحكم  VAR وقيل أنه تم التوصل لاتفاق يقضي بتقليص مدة التكوين إلى أربعة أشهر وأن الموسم 2021|2022 سيكون باعتماد التقنية ولكن هيهات. "اكتب على الحوت وطيّش في البحر". فمن رابع المستحيلات أن يقع اعتماد تقنية الفار في تونس في الوقت الراهن لانعدام الإمكانيات المادية واللوجيستيكية. فما الذي جعل الدكتور وديع الجريء يورط نفسه بمثل هذه الوعود وهو يدرك جيدا أنه يجب انتظار عشرية أخرى على الأقل لتنفيذ هذا المشروع.

كان بإمكان الجامعة تكوين حكامها الدوليين وذلك أما بالاستنجاد بالتجربة المغربية او المصرية او السعودية وحتى القطرية (رغم اعتبار قطر خطا أحمرا في ضل وجود ناجي الجويني على رأس قطاع التحكيم هناك لأن علاقة الجامعة بالاتحاد القطري طيبة).

 فهيثم قيراط هو الحكم الدولي التونسي الوحيد المؤهل والمعترف به قاريا ودوليا. فهل يعقل هذا الأمر؟ أ ليس حريا بالجامعة لضمان تنافس حكامها إقليميا ودوليا مع زملائهم الأفارقة أن تساهم في تكوينهم بالبلدان المكورة أعلاه؟

خلاصة القول هو أن احتراف الحكام وتقنية الفار في تونس ليسا سوى كذبة كبرى.