المنتخبات

على وقع المونديال : قليلا من الهدوء يا جماعة

حصّل ما في الصدور، واختار جلال القادري مدرب المنتخب الوطني قائمته النهائية المشاركة في مونديال 2022 الذي سينطلق بعد أيام على الأراضي القطرية، ساعات قليلة ويشرع منتخبنا في مغامرته المونديالية السادسة حيث دخل أجواء المونديال منذ حلوله أمس الأول بالدوحة متسلحا  بحماس جماهيري فياض للجالية التونسية التي كانت في استقبال الوفد الرسمي للمنتخب في مطار حمد الدولي، وبعزيمة لا تلين من اللاعبين من أجل تشريف الراية الوطنية والرد على كل المشككين والرافضين والمحايدين،.

اليوم أغلق نهائيا ملف الانتقادات الموجهة للمدرب الوطني بخصوص اختياراته حول القائمة المونديالية التي رافقها الكثير من اللغط والجدل العقيم من قبل بعض الإعلاميين والمحللين وكذلك المتابعين لأخبار المنتخب الوطني، حيث انبرى البعض منذ فترة يسلط ضغوطا رهيبة من أجل تأليب الرأي العام والتأثير على قرار المدرب الوطني بشأن بعض الخيارات.

كانت أغلب المنابر الإعلامية وحلقات النقاش في مواقع التواصل الاجتماعي مهتمة بشكل مبالغ فيه بمعرفة القائمة النهائية للمنتخب، ولئن يبدو الأمر سليما في بعض جوانبه بما أن هذا المنتخب هو ملك كل التونسيين ويمثل كل البلاد في هذا المحفل الرياضي الكبير، لكن من الحكمة والرصانة أن يكون نقد خيارات المدرب الوطني بعيدا عن كل التجاذبات والحسابات الضيقة، ومن الحكمة أيضا ألا يتم ربط المصلحة العليا للمنتخب الوطني بأحكام مزاجية ترتبط أساسا بمصالح بعض الأندية دون سواها.

لقد سلطّت ضغوطات غير "بريئة" على محيط المنتخب، بل ونصبت المشانق على عدد من اللاعبين الذين وقعت دعوتهم لسبب وحيد وهو أن دعوتهم للمنتخب كانت على حساب بعض اللاعبين الآخرين.

ربما كان الأمر يبدو منطقيا وعاديا لو لم تتجاوز هذه "الترهات" أورقة مواقع التواصل الاجتماعي ودكاكينها المنتشرة في كل مكان، لكن أن يصل الأمر إلى بعض المنابر الإعلامية، فإن الأمر يدعو حقا للريبة والإنزعاج.

في ظل هذه التخمة غير المسبوقة من البرامج الرياضية التي يبدو أنها اتفقت بشكل عشوائي على أن تتصدر المشهد الإعلامي مساء كل يوم اثنين في عدة قنوات تلفزية، فإن الخروج عن النص كان شرا لا مفر منه، خاصة وأن بعض المحلليين غلبتهم الأهواء الشخصية المرتبطة بحبهم لنواديهم أكثر من ارتباطهم بالمنتخب ومصلحته العليا، وتبعا لذلك اشتد الخصومات وارتفعت الأصوات المناوئة والرافضة لخيارات مدرب المنتخب، وكثر الحديث واللغط وتعاظمت الضغوطات التي عاش على وقعها المنتخب الوطني لأيام طويلة.

 

أما اليوم وبعد أن تحددت القائمة وبدأ "نسور قرطاج" يعيشون أجواء المونديال، فإن الواجب الوطني يدعو الجميع دون استثناء إلى الوقوف خلف منتخبنا الوطني أو التزام الصمت وهو أضعف الإيمان، ولئن لا يتعارض هذا الواجب مع مبادئ حرية التعبير والنقد البناء فإن من شروط نجاح منتخبنا وظهوره بمستوى مشرف يتعلق أساسا بضرورة نبذ كل الخلافات وطي صفحة المعارك الخفية المرتبطة باختيارات المدرب الوطني، والحرص على توفير الهدوء في محيط المنتخب الوطني، أما بالنسبة إلى خيارات المدرب جلال القادري وبقية معاونيه وكل المسؤولين عن المنتخب فيبقى الحكم عليها مؤجلا إلى ما بعد انتهاء هذه المغامرة المونديالية، حينها سيكون من الجيد تقييم المشاركة وتحديد مكامن النقص والأهم من ذلك محاسبة الإطار الفني والبحث بإسهاب عن أسباب الفشل أو النجاح، أما اليوم فدعونا نزرع بذرة التفاؤل والثقة ونقف خلف هذا المنتخب ونحلم بإمكانية تحقيق إنجاز لم يتحقق على مدار خمس مشاركات سابقة.