تعرف نهاية الموسم الكروي الحالي أجواء صعبة واستثنائية، وهذا بسبب عديد التراكمات السلبية التي انعكست بشكل مباشر على السير العام للمباريات، في ظل انتشار ظاهرة الرشوة والعنف واتهام التحكيم يغاب النزاهة، ناهيك عن الصريحات النارية والاستفزازية وغيرها من الممارسات الخفية والمكشوفة، ما جعل مباريات البطولة تتحول إلى سوق تباع فيه النقاط في المزاد، وفق منطق “ادفع تطلع”، ما يجعل مبدأ النزاهة الغائب الأكبر في بطولة أثبت ممثلوها فشلهم في المنافسات القارية، آخرها الخسارة الثقيلة لشباب قسنطينة برباعية كاملة أمام نادي نهضة بركان المغربي.
توحي أغلب المعطيات والمؤشرات بأن بطولة هذا الموسم كشفت مجددا عن الوجه القبيح والمظاهر السلبية التي باتت تعشش في الوسط الكروي على مدار سنوات طويلة، وتحولت إلى أمر عادي، مادام الحديث عن الرشوة والبيع والشراء واتهام الحكام بالتحيز أصبح متداولا على نطاق واسع، سواء في بلاطوهات التلفزيون أم على مواقع التواصل الاجتماعي، ما جعل المواقع تفضح جميع الممارسات الخفية والمكشوفة التي باتت تسود الواقع الكروي، وتسيء بشكل مباشر إلى سمعة الكرة الجزائرية من الناحية الفنية والإدارية، في ظل اعتراف أغلب الأطراف الفاعلة إلى غياب الحد الأدنى من النزاهة والشفافية، بدليل أن الجميع أصبح يسمع عن ترتيب وبيع المباريات “على المكشوف والناس تسع وتشوف”، بل أصبحت هذه الأمور حديث العام والخاص على القنوات التلفزيونية والمواقع الإلكترونية ولا أحد تحرك لاتخاذ قرارات ردعية تسمح بمتابعة المتسبّبين في مثل هذه الممارسات التي لا تمت بصلة لأخلاقيات كرة القدم والرياضة بشكل عام، حيث وقف الكثير على نتائج الكثير من مباريات البطولة خلال الجولات الأخيرة، وسط إجماع على أن هناك أمورا تطبخ في الخفاء لخدمة مصالح أندية على حساب أخرى، خاصة ما يتعلق بلعبة الصعود وتفادي السقوط في بطولة القسم الثاني وبقية الأقسام، وكذلك ما يجري في بطولة القسم الأول من ممارسات قلبت الموازين بعيدا عن منطق المستطيل الأخضر، ما جعل عدة أطراف في قفص الاتهام، وفي مقدمة ذلك سلك التحكيم الذي أصبح محل استياء المدربين واللاعبين والمسيرين، لعل أبرزها الانتقادات الحادة الموجهة للحكم غربال خلال المباراة التي جمعت بين أولمبيك آقبو والرائد مولودية الجزائر، ما جعل الجهات المعنية تسارع إلى توقيف الحكم غربال إلى غاية نهاية الموسم دون إعطاء توضيحات مقنعة، وهو الذي يحمل الشارة الدولية ومرشح لتمثيل الجزائر قاريا ودوليا في مناسبات ومنافسات كروية وعالية المستوى، ما جعل بعض الأطراف تندد بهذا القرار وترفض أن يسدد الحكم غربال فاتورة أخطاء تحكيمية وقعت محليا، رافضة أن يكون ذلك حجة حرمانه من النشاط دوليا، وهو ما ذهب إليه الحكم الدولي السابق سليم أوساسي والحكم وشان وعديد الأطراف المحسوبة على سلك التحكيم.
ويجمع الكثير من العارفين بخبايا كرة القدم الجزائرية على أن ما يحدث في الجولات الأخيرة من الموسم الكروي الحالي يصنف في خانة تحصيل حاصل، في ظل موجة من العوامل والمعطيات والمظاهر السلبية التي عششت في بطولاتنا بمختلف مستوياتها، وفي مقدمة ذلك ظاهرة الرشوة وترتيب المباريات، ناهيك عن غياب النزاهة التي نابت عنها ممارسات الكواليس، إضافة إلى ظاهرة العنف التي شوهت كرتنا في المدرجات وفق الميدان وخارجه، آخرها وفاة مناصر لمولودية الجزائر بعد رحلة العودة من بسكرة، إضافة إلى التصريحات النارية والاستفزازية والتهم المتبادلة والعبارات العنصرية التي تعكس التراجع المخيف لمبادئ الروح الرياضية وغيرها من الممارسات الخفية والمكشوفة التي باتت تهدد واقع ومستقبل البطولة الوطنية، ما يتطلب على الجهات المعنية الضرب بيد من حديد، وليس الاكتفاء باجتماعات ظرفية من أجل امتصاص الغضب دون أن يتم القيام بتشريح عميق ودقيق لمعرفة الأسباب والأمراض الحقيقية للكرة الجزائرية مع التحلي بالعلاج ومحاربة كل المظاهر السلبية التي أثّرت سلبا على مستوى البطولة الوطنية فنيا وتنظيميا وأخلاقيا، ما جعل ممثلينا في المنافسات القارية يفشلون عن فرض أنفسهم، لعل آخرها الخسارة الثقيلة لشباب قسنطينة وبرباعية كاملة أمام نادي نهضة بركان المغربي.