الرابطة الأولى

الإفريقي يحتفل اليوم بمرور 100 سنة على تأسيسه فريق الشعـب والـعـقلـيـة ... رمـز للهـويـة الـتونـسـيـة الإسـلامـية

بعيدا عن رمزية مرور 100 سنة على تأسيس النادي الإفريقي بما أن هذه المدّة لها عديد الدلالات، فإن الإفريقي يختزل عديد المعاني التي تجعل منه منارة وطنية ومكسبا تونسيا خالصا يعكس تجذّر النشاط الرياضي في دعم الهوية الوطنية الإسلامية وبالتالي فإن رمزية الإفريقي غير مرتبطة بما حصده الفريق من بطولات في كل الاختصاصات أو ما أنتجه من مواهب على مرّ السنوات بل إن قيمة هذا النادي تتمثّل في أنّه نجح في تكريس عديد المبادئ.

وبعيدا عن الجدال القائم على المقارنة بين تاريخ الفريق وحاضره فإن اختزال الإفريقي في حقبة زمنية دون غيرها لا يعطي النادي حقّه فالإفريقي ولئن يمرّ الان بفترة هي الأصعب بكل المقاييس فلا أحد يمكن أن يزايد على وزنه ودوره الكبير والفاعل رياضيا وثقافيا فهو فريق كرّس كل القيم الإنسانية. وارتبطت ببعض العبارات الشهيرة مثل «فريق الشعب» التي لازمت مرحلة المدرب عبد الحق بن شيخة أو العقلية وغيرها من المصطلحات «الإفريقية».

فالإفريقي ارتبط خلال مسيرته الطويلة على غرار عدد كبير من الفرق التي عاصرته التأسيس، بمساهمته في العمل النضالي لمقاومة المستعمر حيث ذكرت بعض التقارير منها ما نشر عبر موقع القدس العربي «اختار الأباء المؤسسون للنادي الافريقي أن يتحدوا الادارة الاستعمارية من خلال الاصرار على أن يكون رئيس النادي تونسي الجنسية ومسلم الديانة، وهو ما كانت ترفضه القوانين المنظمة للنشاط الرياضي في تونس الرازحة تحت الاستعمار، والتي تفرض أن يكون رئيس النادي فرنسي الجنسية».

وتابع الموقع في سرد جانب من تاريخ الإفريقي المضيء والحافل بالأحداث الوطنية ليشير :«ولم يكتف الأباء المؤسسون للنادي الافريقي بهذا التحدي بل أردفوه بتحد ثان من خلال اختيار اللونين الأبيض والأحمر كلونين مميزين للنادي، والأبيض والأحمر هما اللونان اللذان يتكون منهما العلم التونسي. وإمعانا في التحدي اختاروا أن يوشح قميص النادي وفي مستوى قلب حامله شعار يتكون من نجمة وهلال وهما من مكونات العلم التونسي من ناحية ورمز للهوية الاسلامية التي كان الاستعمار يعمل على تذويبها. ومن هذه الزاوية فقد ساهم النادي الافريقي في إحياء الوعي الوطني وواكب تطوره ولعب دورا في النضال ضد الاستعمار، وفي كل التحولات الاجتماعية التي عاشتها تونس منذ الاستقلال وإلى حد الآن»

ويذكر محمد الجويلي في مقال نشر عبر موقع العرب «لم يكن النادي الإفريقي أفضل حظّا، فقد كانت ولادته عسيرة، بحيث رفضت الإدارة الاستعمارية منحه الترخيص سنة 1919 بسبب تسميته النادي الإسلامي الإفريقي إشارة إلى ديانة مؤسسيه من المسلمين، وفرضت عليهم شروطا تعجيزية أولها تعيين رئيس فرنسي على رأس الفريق، ثم تغيير الألوان المختارة لتمييزه (الأحمر والأبيض) وتغييرها باللون الأزرق وهو أحد ألوان العلم الفرنسي. رفض مسؤولو الفريق الإذعان لهذه الشروط، وبعد جهد جهيد تمكنوا من الحصول على الموافقة الرسمية من قبل السلطات الفرنسية، بما في ذلك الموافقة على الجنسية التونسية لرئيس الجمعية وحرية اختيار شعار الفريق وألوانه وذلك في 4 أكتوبر 1920».

ويقول لطفي الزاهي صاحب كتاب «في جذور النادي الإفريقي» وهو كتاب باللغة الفرنسية في أكثر من 500 صفحة يقدم شهادات عن سجّل الإفريقي وتاريخه «: بعد حلّ فريق الملعب الإفريقي الذي يعتبر أول فريق تونسي، وفق القانون الجاري به العمل خلال تلك الفترة لا تمكن عودة الفريق إلا بعد 3 سنوات من تاريخ الحل، فاختار المشرفون على الفريق تغيير التسمية من الملعب الإفريقي إلى النادي الإفريقي وهو الفريق الوحيد الذي لم يغيّر اسمه أو ألوانه».

ويكشف الكتاب أيضا وفق ما أكده لطفي الزاهي دور الإفريقي في الحياة الثقافية ومساهمته في عديد الأهداف حيث يقول:«النادي الإفريقي هو الذي بعث فرقة الرشيدية سنة 1934 بما أن 18 عضوا من هيئة الإفريقي حضروا الجلسة العامة و13 عضوا منهم تمّ انتخابهم».

باب الجديد ولكن

الشهادات في حق الإفريقي كثيرة فهو فريق اختار تجاوز إشعاعه محيطه المحلي والوطني وارتبط بحركات وطنية عديدة خاصة عندما أهدى أول رابطة أبطال في رصيد الفرق التونسية إلى المقاومة الفلسطينية. فالإفريقي ولئن ساهم في مقاومة المستعمر فإنّه في الان نفسه لم يتخل عن واجبه تجاه القضايا العربية واخرها اللافتة التي رفعت في نهائي كأس تونس 2017 منددة بالحصار على قطر. وهذا النادي الذي نشأ في باب الجديد من أجل المساهمة في الدفاع عن الهوية الوطنية الإسلامية اختار اسم تونس الأصلي (إفريقية) ولكنّه سعى إلى أن يشعّ في مختلف البلدان الإسلامية.

ورغم الوضع الصعب الذي يمرّ به الفريق فإن التاريخ سيحفظ له نجاحات رياضية كبرى فقد كان فاتح التتويجات التونسية الإفريقية في أهم المسابقات والاختصاصات ولكن مسيرة الأندية الكبرى ليست مرتبطة بالألقاب بل بالإشعاع وتبني المواقف الإنسانية الكبرى.

الإفريقي اختلف عن كل الفرق الأخرى لأن «رأس ماله» الأساسي هي جماهيره التي تحميه والتي جسّمت أكبر المعاني خلال لطخات السنة الماضية لدعم موارد الفريق المالية.